تحدثوا عن ألعاب الحاسوب في العائلة
عندما تمثل الألعاب الإلكترونية مشكلة
قد تصبح ممارسة الألعاب الإلكترونية مصدرًا حقيقيًا للقلق لدى العديد من الأسر، إذ ليس دائمًا من السهل تحديد مدة معتادة مناسبة للعب، وكذلك متى يتعين على الأبوين اتخاذ التصرف المناسب. في الأسطر التالية سنطرح بعض النصائح بشأن ما يمكن فعله وكيفية الحصول على المساعدة إذا لزم الأمر.
عندما تمثل الألعاب الإلكترونية مشكلة
يندمج العديد من الشباب في ممارسة الألعاب الإلكترونية لفترات طويلة غير أن اللعب قد يتطور إلى مشكلة خطيرة فقط بين قلة منهم، لذا فمن المهم التفرقة بين اللاعب المتّزن واللاعب المضّطرب حيث أن مدّة اللعب وحدها ليست مؤشّرًا كافيًا للوقوف على ما إذا كان اللعب نفسه يمثّل اضطرابًا.
يتم تعريف اللاعب المتّزن باعتباره اللاعب الذي يمارس اللعب الإلكتروني لمدد قد تصل إلى أربع ساعات أو أكثر يوميًا، لكن دون أن يؤثر ذلك على صحته وعلى وتيرة حياته. فمثل هؤلاء اللاعبين لديهم شغف للعب دون أن تترك الهواية تأثيرًا سلبيًا مزعجًا على حياتهم. وربما يكون التحدي الحقيقي أمام أسرة أي لاعب متزن هو ألا يشعر أفرادها بالغضب منه، بل لا بد للأهل من التحدث عن الألعاب معه ومناقشته فيها وكذلك إظهار القبول لهوايته وإبداء الاهتمام بكل ما هو ممتع ومسل بشأن اللعبة وتحدياتها.
لا بد أن ندع الطفل يتحدث بنفسه ويعبر عن خبرته في اللعب، وأن ننتبه ما إذا كانت حياة اللاعب بشكل عام متزنة (المدرسة، النوم، التغذية، الأصدقاء... إلخ).
يتّسم اللاعب المّضطرب بأن ممارسته للعب الإلكتروني قهرية مما يعيق اندماجه في الدراسة ومع الأسرة وينعكس سلبًا كذلك على المسار المهني والحياة الاجتماعية، لذا فمن الصعب أن نحدد ما إذا كانت ممارسة اللعب نفسها هنا هي المشكلة أو أنها فقط تمثّل له مهربًا من مواجهة صعاب حياتية معينة. فالانسحاب من الحياة الاجتماعية والاستغراق في اللعب قد يمثل مؤشرًا لوجود خطب ما؛ وفي هذه الحالة فعلى الأسرة طلب دعم المختصين إذ أن بعض اللاعبين المضّطربين قد يمضون وقتًا طويلًا في اللعب وبعضهم قد يستغرق وقتًا أقل. لذا فالوقت المستغرَق في اللعب وحده لا يمكن اعتباره عرَضًا أو مؤشرًا مرتبطًا بإدمان اللعب.
علامات الخطر والنصيحة
كلما اهتم الأهل مبكرًا بروتين اللعب بالنسبة لأطفالهم، سهل عليهم تجنب مشكلاته لاحقًا وكذا سهل ملاحظة مؤشرات الخطر، فبعض اللاعبين ينظر للعب كمهرب من الواقع، وبعضهم يمارس اللعب ببساطة لأنه هوايته المفضلة. بعبارة أخرى لا يوجد نمط مثالي قاطع بهذا الشأن.
فاللاعب وأسرته وحدهم من يحدد كيفية قضاء الوقت والاستفادة منه وما هو مناسب لكل منهم، حيث تتباين احتياجات الأطفال ومتطلباتهم باختلاف طبيعتهم غير أن جميعهم في النهاية يشتركون في ضرورة تعيين ضوابط وحدود، فوضع الحدود دومًا ما يساعد في حل الخلافات، لذا فابدأ مبكرًا في مناقشة طفلك حول ممارسة اللعب الإلكتروني، وحدد كذلك ما هو الوقت المثالي المناسب للعب وما هي نوعية الألعاب المسموح بها.
مؤشرات تشي بأن طفلك لديه مشكلة مع الألعاب الإلكترونية:
- التوقف عن ممارسة سائر الأنشطة
- الحد من التواجد بين الأصدقاء والأسرة
- التقاعس عن المدرسة والواجبات والامتحانات
- السهر للعب ليلًا والنوم نهارًا
- المحاولة المستمرة للإقلاع عن اللعب أو تنظيمه دون جدوى
- التشاجر مع الأسرة حول اللعب
- ممارسة عادات غذائية غير صحية أو تقليل وزيادة معدلات الطعام
كذا نحصل على المساعدة بشأن إدمان اللعب
في حالة اختباركم أو أي من أفراد أسرتكم خروجًا عن السيطرة في أمور الألعاب الإلكترونية، فعليكم الحصول على دعم المختصين، ففقد السيطرة يعني أن للعب تأثيرات سلبية وعواقب سيئة متعددة على إحدى مجالات حياتكم أو عليها جميعها؛ مثل العجز عن التواصل الاجتماعي، وعن مواصلة العمل والدراسة وكذلك قد ينعكس اللعب الإلكتروني سلبًا على الحالة المادية والنفسية والحالة العاطفية والبدنية.
وفي حالة التعامل مع الأمر دون استشارة المختصين فلدينا بعض النصائح؛ مثل وضع مخططًا لليوم بحيث يكون للاعب المضطرب أنشطة متعددة يمارسها أولًا مرجئًا اللعب لفترة نهاية اليوم، والتأكد من تنظيم مواعيد اليوم على نحو محدد عبر تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ وتحديد أوقات ملتزمة لها.
تحديد أوقات لأنشطة ثابتة مثل المدرسة أو العمل يساعد كذلك على تقليل فترة ممارسة اللعب الإلكتروني، وفي حال لم تكن تدرس أو تعمل فمن المفيد الاندماج في العمل التطوعي في محيطك كبديل مناسب.
التحدث إلى أحد ما أمر مهم للغاية كذلك، إذ ثبت أن الحديث مع شخص يمر أو سبق له أن مر بنفس التجربة هو أمر مفيد، ينظم اتحاد "جيمينج أديكشن نورواي" (إدمان الألعاب الإلكترونية بالنرويج) لقاءات لأعضائه وكذلك بين أولياء الأمور في معظم كبرى المدن بالنرويج، وستجد كل البيانات الخاصة بمجموعات الدعم على الموقع الإلكتروني التالي:
spilleavhengighet.no
وبالنسبة لطلاب المدارس ممّن يواجهون هذه المشكلة، فإن الـ"helsesykepleier" (المشرف الصحي) هو الشخص الأنسب الذي يمكن الحديث معه -فهو شخص بالغ لكنه ليس ولي الأمر، ولعله من الجيد كبداية ألا ترى في طبيبك الخاص بديلًا مناسبًا للحديث معه بهذا الشأن، كما يمكنك كذلك الاتصال بـ"BUP" (مركز الصحة النفسية للأطفال والشباب) أو "familievernkontor" (مركز حماية الأسرة).
أما بالنسبة لمن هم فوق الثامنة عشر، فهناك طرق علاجية أخرى، حيث تجد قائمة بهذه الخيارات على الموقع الإلكتروني التالي:
hjelpelinjen.no
تشخيص إدمان اللعب الإلكتروني
في مايو 2019، قررت منظمة الصحة العالمية اعتبار اضطراب اللعب الإلكتروني عرضًا تشخيصيُا رسميًا بحلول 2022، وسيستغرق الأمر بعض الوقت قبل العمل به في النرويج، لذا فلم يتم اعتماد هذا التشخيص حتى الآن في الوقت الحالي، لكننا سنلقي الضوء على ما يعنيه هذا التشخيص.
إن التشخيص لا يتمحور حول ماذا تلعب أو مدة اللعب أو مدى تكرار اللعب، وهو -إذ يسمى تشخيصًا وظيفيًا- إنما يعني العجز عن ممارسة الحياة الطبيعية وممارسة الألعاب الإلكترونية عوضًا عنها، حيث لا تستطيع أن تتناول طعامك، ولا أن تنام على نحو جيد، ولربما تتوقف كذلك على الأرجح عن التوجه للعمل أو الدراسة.
إن تشخيصًا كهذا ليس من السهل أبدًا الوصول إليه، إذ لا بد لك أن تكون قد عانيت اضطرابًا في نواحي الأنشطة الطبيعية مثل النوم، وتناول الطعام، والعمل، والدراسة، والحياة الاجتماعية والأسرية والرياضية لمدة عام على الأقل، وقد تقصر هذه المدة في حالة تعدد الاضطرابات على أكثر من منحى في وقت واحد.
إن أغلب الأهل يشعرون بالقلق ويقومون بالاتصال بجهات الدعم قبل تفاقم المشكلة على هذا النحو.
وقد تصبح رغبة اللاعب المضطرب في الحصول على حياة طبيعية في حد ذاتها نقطة تحول، فاللاعب يفوته الكثير من نواحي الحياة كامتحان لا بد من حضوره، أو الأحداث المهمة التي لا ينبغي تفويتها، كما أنه قد يغط في النوم في محاضراته بسبب السهر المستمر للعب ليلًا، فيصل لمرحلة يشعر فيها أنه لا بد له من فعل شيء حيال ذلك.
غالبا ما ينظر اللاعب المضطرب للحياة باعتبارها معركة مع العالم، فالعالم يريده أن يقلل من وتيره لعبه أو أن يتوقف عنه تمامًا، فالعالم -بالنسبة له- لا يتفهم ما هو الأمر الممتع للغاية بشأن ممارسة الألعاب الإلكترونية، فمدمن اللعب الإلكتروني يعجز عن خفض وتيرة اللعب أو الإقلاع عنه دون أن يتعرض للانهيار العاطفي، فهو أمر يتطلب تدريبًا مستمرًا بمرور الوقت، بمساعدة الآخرين الذين يتفهمون أن تقليل معدلات اللعب الإلكتروني هو عبء عاطفي، لذا فإنه ينبغي وضع الحدود بطريقة هادئة ولطيفة لأن اللعب أمر ممتع للغاية لذا فمن الطبيعي أن نشعر بالألم والضيق عندما لا نلعب بالقدر الذي نريده ونرغبه.
للعب، كذلك، وظيفة قد تتمثل في تنظيم أمور أخرى، فربما هناك أسباب عدة للبقاء في المنزل، بينما اللعب قد يكون هو الأمر الذي يمارسه المرء عند تواجده بالمنزل، فسواء يمارس المرء اللعب الإلكتروني بسبب بقائه في المنزل غائبًا عن المدرسة، أو أنه يتغيب عن المدرسة فقط من أجل ممارسة اللعب الإلكتروني في المنزل فالأمر هنا له مسببات ومبررات عديدة مختلفة، لكن الأهل ينظرون فقط للعب الإلكتروني في كل الحالات باعتباره المشكلة الأساسية، ولكن ما هي العوامل الفعلية الأخرى التي تبقي هؤلاء في المنزل بدلا من قيامهم بالمهمات التي يفترض بهم أن يؤدوها؟
إن قواعد تنظيم اللعب الإلكتروني لا بد أن تراعي مدى حساسية الطفل وارتباطه به، فلو أن طفلك يعاني متلازمة "ADHD" فرط الحركة وتشتت الانتباه، أو "dysleksi" عسر القراءة، أو كانت دائرة أصدقائه محدودة أو ما شابه - فإن هذه قد تكون مؤشرات على حاجة الطفل لحدود أكثر وضوحًا. أما في حالة ذهاب الطفل إلى المدرسة، وأدائه لواجباته واندماجه في سائر الأنشطة وإنشائه لصداقات عديدة؛ هنا بإمكانه التمتع باللعب بقدر ما يشاء حيث لا ينبغي أن يؤثر مدى إعجاب أو كراهية الأهل للعب الإلكتروني على تنظيم الأمر، إذ أن ما يهم هنا هو مدى حساسية وتأثر الطفل.
إلى أي مدى يؤلم الطفل الإقلاع عن اللعب؟
كلما اضطررنا إلى تكرار الإنذارات من أجل التوقف عن اللعب أو بخصوص عدم تنظيم الغرفة مثلًا قبل ميعاد النوم فذلك يعني أننا بحاجة لتقليل وقت اللعب المسموح به أمام الشاشة، في المقابل لا بد من محاولة تجنب الحديث عن الألعاب الإلكترونية في أوقات الاجتماع سويًا، والتحدث بدلًا من ذلك عن اللعب بشكل عام والتطرّق إلى مكانته وأهميته ومميزاته وتحدياته بالنسبة للأسرة، وكذلك محاولة الاتفاق مع الطفل على حذف هذه الألعاب لكن دون تهديده.
من ناحية أخرى، ليس ثمّة ما يدعو إلى قلق الأهل بخصوص هذا التشخيص الجديد، بينما بالنسبة لأولئك الذين قد يشعرون بخروج الأمر عن السيطرة فيمكنهم لحسن الحظ دومًا تلقي المساعدة من خلال البدء بالاستعانة بالموقع الإلكتروني التالي: hjelpelinjen.no
هناك يمكنك التواصل عبرالتشات أو الاتصال مباشرة كلاعب أو كولي أمر، وستجد كذلك قائمة بالخيارات العلاجية المناسبة في منطقتك، أما اللاعبون الأقل من الثامنة عشر، فبإمكانهم التحدث أولًا إلى الطبيب الخاص، أو المشرف الصحي بالمدرسة، أوالتواصل مع "BUP" (مركز الصحة النفسية للشباب والأطفال).